يحاول المغرب إقناع بريطانيا للاعتماد عليه في الإمداد الطاقي حتى تتحرر لندن تدريجيا من الارتباط بالغاز والبترول الروسي في ظل التحولات الدولية وارتفاع قيمة هذين المنتوجين اللذان أصبحا ورقتا ضغط في المعسكرين الشرقي والغربي، وفي الوقت ذاته تسعى الرباط إلى اقتناص الفرصة المناسبة وسط الزخم الدولي حول الصحراء ومقترح الحكم الذاتي الذي تمكنت من حشده في السنوات الأخيرة وتعزّز بموقفي ألمانيا وإسبانيا، إلى استصدار موقف واضح من لندن يدعم المقترح المغربي لإنهاء الملف الذي لا يزال في مكاتب الامم المتحدة منذ وقف إطلاق النار سنة 1991 مع جبهة البوليساريو.
وحسب ما ذكرته صحيفة “ديلي إكسبريس” فإن المغرب عرض خدماته على بريطانيا التي ترغب في قطع علاقات بالمحروقات الروسية عقابا لفلاديمير بوتين بعد غزوه لجارته أوكرانيا.
رئيس الوزراء بوريس جونسون وعد بإنهاء الارتباط بروسيا المزود لما يقارب 5 في المئة من احتياجات الطاقة في بريطانيا، ويخطط جونسون لوقف الإمدادت بحلول نهاية العام الجاري في إطار حملة مضادة لنظام بوتين ولحماية الأمن القومي للبريطانيين وفق ما تؤكده لندن.
وحاورت الصحيفة البريطانية علي صديقي ، رئيس قسم التطوير في الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات التابعة لوزارة الصناعة والتجارة والمدير العام السابق للصناعة في الوزارة في عهد مولاي حفيظ العلمي، وقال صديقي إن المغرب يمكنه أن يساعد بريطانيا للخروج من الاتفاق الطاقي مع روسيا دون أضرار، مؤكدا أن للمملكة إمكانات هائلة في مجال الطاقات المتجددة لتزويد بريطانيا بحاجياتها.
مناسبة إجراء الحوار هي زيارة قام بها وفد مغربي يقوده محسن الجزولي الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار بمعية المدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، يوسف الباري، وحضر معه لقاءات هامة السفير حكيم حجوي الذي قدم قبل أيام أوراق اعتماده في قصر باكينغهام.
وقام الوفد المغربي بهذه الزيارة لإطلاق حملة حملة ترويجية خاصة بتقديم وتسويق العلامة المغربية الخاصة بالاستثمار والتصدير “موروكو ناو Morocco Now” في الفترة ما بين 21 و23 مارس،
وتباحث الجزولي مع أندرو موريسون، المبعوث الخاص للوزير الأول البريطاني للتجارة والاستثمار، إمكانية تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
لم يغب مشروع الربط البحري بالخط الكهربائي “إكس لانكس” عن لقاءات المسؤولين المغاربة بنظرائهم البريطانيين، فقد كانت الفرصة مواتية لفتح هذا الملف الاستثماري مجددا، الذي تقدر كلفته بمئتي مليار درهم لبناء أطول خط كهربائي في العالم يزود 7 ملايين منزل في الأراضي البريطانية بطاقة مصدرها المغرب.
أما بخصوص موقف بريطانيا العضو الدائم في مجلس الأمن من الصحراء المغربية فإن مصدرا مسؤولا أكد لـ”الأيام24″ أنه يجري منذ فترة طويلة التحضير لتحول تاريخي إلى صف المقترح الذي تقدمه الرباط حلا لملف الصحراء.
ويحاول المغرب أن يحصل على موقف بريطاني سيشكل منعرجا حاسما في مسار ملف استنزف الملايير من ميزانية الدولة وأهدر زمنا سياسيا لا يمكن تعويضه، حيث تعول المملكة على التوافق البريطاني الأمريكي في السياسة الخارجية وعلى الرغبة الملحة لبريطانيا بالتموقع اقتصاديا في غرب إفريقيا وسياسيا قبالة جبل طارق التابع لعرش الملكة وسبب الخلاف الطويل مع إسبانيا.
وتعتبر كل من الرباط ولندن شريكين تجاريين تاريخيين، حيث إن أول معاهدة تجارية بين البلدين خلدت العام الماضي الذكرى 300 على إبرامها. ويتموقع المغرب بالنسبة للمملكة المتحدة كبوابة نحو السوق الإفريقية. فإلى غاية نهاية الربع الثالث من العام 2021، بلغ حجم إجمالي التبادلات التجارية الثنائية 1,8 مليار جنيه إسترليني (أزيد من 23 مليار درهم)، على أساس سنوي، أي بزيادة تبلغ 7,2 بالمائة مقارنة بالفترة ذاتها خلال سنة 2020.